في أحد الأزمنة عاشَ ثلاثة من الثيران في مرجٍ
واسع، يرعون ويأكلون ويرتعون بأمانٍ، كان لأحدها لونٌ أبيض والآخر أحمر والأخير
أسود, وكان يجاورهم في المرْعى أسدٌ يَطمع في الاغتذاء عليها، ولكنَّه لَم يكنْ
قادرًا على ذلك؛ خشية أن تجتمعَ عليه؛ فتَفتِكَ به نَطْحًا.
ولأن الأسدَ لا يُمكنه النَّيْل منها إلا مُنفردة،
قرَّر أن يُعْمِل الْحِيلةَ؛ ليَنال مُبْتغاه, وفعْلاً هذا ما لَجَأ إليه، ففي أحد
الأيام وجَد الثورين الأسود والأبيض مُنفردين في المرْعى، فاقتربَ من الأسوَد،
وهَمَس له ناصحًا بأنَّ رفِيقك الأبيض لافتٌ للنظر، وأنَّه متى جاء صيَّاد للمكان
فلن يلبثَ أنْ يهتديَ إليكم بسبب لونه الفاضح, كما أنَّ خيرات المرْعى تناقصتْ
مؤخَّرًا، فلو تخلَّصْتُم منه لكفتْكم خيراتُه أنت وأخوك الأحمر، كما أنَّ القِسمة
على اثنين خيرٌ منها على ثلاثة.
وهكذا لَم يزلْ به حتى أثَّرَتْ كلماتُه عليه،
وأخذتْ في فِكْره القَبول, ولكنَّه لا يعرف كيف يُبِعد الأبيض عن المكان، فقال له
الأسد: لا تحمل هَمًّا، أنا أكفيك أمرَه، وما عليك إلا الابتعادُ من هنا، ودَعْ
أمرَه لي.
تركَ الأَسْود المكان، فانفردَ الأسد بالثور الأبيض
وفتَك به، وعندما عاد الأحمر أوْهَمَه الأَسْوَد بأنَّ الأبيض لَحِق به، وأنَّه
للآن لَم يرجِع, وبعد مُرور مدة من الزمن، نُسِي أمرُه ويُئِسَ من عوْدته.
ثم أقبلَ الأسد مرة أخرى مُسْدِيًا نُصحَه
للأَسْوَد، ومُذكِّرًا له أنَّ المرْعى لواحدٍ خيرٌ منه لاثنين وهكذا، حتى تَمكَّن
الأسد من النَّيْل من الثور الأحمر.
ثم ما لبثَ الأسد أنْ عاد بعد أيَّام وفي عَينيه
نظرة فَهمها الثورُ الأسوَد جيِّدًا، فأدْرَك أنَّه لاحِقٌ بصاحِبَيه، فصاحَ: لقد
أُكِلتُ يومَ أُكِل الثورُ الأبيض.
يحاول بعض الأصدقاء استدعاء تلك القصة بخصوص ما يواجهه تنظيم الإخوان المسلمين من قبل السلطات والمواطنين المصريين حاليا بسبب نزوعهم للعنف في مواجهة إرادة الجماهير ، وحقيقة لا يمكنني استيعاب هذا الفهم لما يحدث في مصر هذه الأيام ، وإذا كان هناك من يفكر في الأمر بمنطق أن ما يواجهه الإخوان في الشارع المصري من عنف حرصوا علي اجتذاب المواطنين لدائرته هو مدبر بالكلية وأنه من صنع الفلول أو من تدبير كائنا من كان فهو لا يختلف بالنسبة إلي عن ساكني "إشارة رابعة العدوية" الذين تملؤهم فكرة أن الكون يتآمر عليهم وأن الفلول أو العسكر هم السبب في عزل مرسي ، أتفهم وأثمن موقف بعض من يستنكرون بعض الإنتهاكات التي يتعرض لها بعض المنتسبين لتيار الإسلام السياسي من منطلق قناعتهم بحقوق الإنسان وأنها كل لا يتجزأ يجب أن يتمتع به العدو والصديق وأن للدولة دور غائب في القضاء علي هذا العنف في مهده ، ولكن ما لا أتفهمه تلك النغمة الدائرة بأن الدور آت علينا في القريب العاجل وأننا أكلنا يوم أكل الثور الأبيض ، وهنا أعيدك إلي القصة في بداية المقال : هذه القصة تفترض ثلاثة ثيران تعيش في مكان واحد تقتسم خيراته واسد يريد أن يفتك بهم جميعا أما في حالتنا :
الثور الثالث : نحن ابدا لم نكن مع الإخوان في
خندق واحد إلا لماما ولمواقف فرضتها علينا قناعاتنا وكوننا لا نكيل بمكيالين ،
ونحن ابدا لم يكن لنا نفس الهدف ، نحن نسعي إلي العيش والحرية والعدالة الإجتماعية
وهم يسعون إلي أستاذية العالم ودولة الخلافة وما إلي ذلك من هذا الهراء ، الإخوان
وضعوا ايديهم في أيدي أمن دولة مبارك واخلوا لرموز نظام مبارك الدوائر الإنتخابية
وقالوا عن مبارك أنه اب لكل المصريين بينما كان هناك خمسون شابا يهتفون علي سلالم
نقابة الصحفيين أن : يسقط حسني مبارك ، الإخوان أعلنوا أنهم ليسوا أهل ثورة ولن
يشاركوا في فعاليات يوم 25 يناير 2011 ، وبينما نحن في الميدان أو في الزنازين
كانت قياداتهم تجلس مع عمر سليمان ، الإخوان وضعوا ايديهم في أيدي العسكر ورموز
نظام مبارك ورفضوا تطهير الداخلية و دستروا المحاكمات العسكرية للمدنيين وتركوا
البلطجية ونكلوا بشباب الثورة ، رفضوا تطهير القضاء (وليست الأخونة كالتطهير ولا
الهدف من الأخونة هو الهدف من التطهير) ، أضاعوا حقوق الشهداء واضافوا لهم رفاقا
جدد ،
الثور الثاني : كنا دوما ضد حكم العسكر وكنا هدفا
لهم وقضي منا من قضي وسجن منا من سجن وسحل منا من سحل بينما كان الثور الثالث يهتف
في ميدان التحرير ( يا مشير إنت الأمير ) وكان الثور الأول ينعتنا بأبشع النعوت
أقلها أننا بلطجية ومثيري شغب .
الثور الأول : كما كنا نحن ومن سبقنا ضد نظام
مبارك وفساده ولم نكن يوما حلفاء وكان هدفنا هو سقوط هذا النظام الفاسد وأن تكون
مصر لكل المصريين ، وكنا أهدافا طيلة الوقت لهذا النظام علي مدي سنوات قضاها بعض
الرفاق في الشارع وف الزنازين وفي فضح انتهاكات هذا النظام ولم يفلح في القضاء
علينا وكانت لنا الكلمة في النهاية ورحل ،
إذا لم
نكن يوما من الثيران الثلاثة ولم تكن مصالحنا مشتركة وكنا هدفا لنظام مبارك ومن
بعده لعسكر مبارك ومن بعدهم للإخوان المسلمين ولذا لم نؤكل يوم أكل أحدهم ، ولعلك
لاحظت أننا لسنا من بين الثيران الثلاثة ولم يفلح ثلاثتهم لا مجتمعين ولا منفردين
في دحر ثورتنا ولا في جعلنا نتراجع خطوة واحدة ... وفي النهاية يسقط كل من خان :
عسكر فلول إخوان
This comment has been removed by a blog administrator.
ReplyDeleteThis comment has been removed by a blog administrator.
ReplyDeleteهو قاله ايه يعني علشان يشتم مش هذا حدث هو بيقول كلام من عنده مثلا مش ده حصل اومال بتشتمه ليه
ReplyDeleteمقاله رائعه اساتذنا
ReplyDeleteانا معاك جدا يا ماليك : احنا عمرنا مكنا مع الاحوان احنا لينا مطالبنا الي رفعنها من 25 و قبله و لازلنا حتى الان انضم لنا من انضم و انفض من حولنا من انفض هذا لا يغير في اتجهاتنا و اهدفنا شئ
ReplyDeleteلو كانوا ما قدموش حاجة قبل الثورة..ولو كانوا ممشينها تظبيط مع الحزب الوطنى مكانش زمانهم مقضيين أعمارهم كلها فى السجون والمعتقلات والتعذيب على ايد أمن ادولة
ReplyDeleteأنتم لاتريدون أن تعترفوا بالحقيقة..الثورة دفع فاتوتهاالأخوان منذ
سنوات هم وكل صاحب رأى معارض حقيقي
تعاموا عن الحقيقة أكثر..وسوف تعلمون فى القريب العاجل فاتورة تعاميكم هذه كم ستكلف مصر
نشطاء حروق الانسان
ReplyDeleteماهو المشكلة انو لأنو عددكم قليل اضطريتوا وراح تضلوا تضطروا تتحالفوا مع احد الثيران الثلاث..وبالتالي ما الكم كلمة!!! بتصيروا بالآخر أداة بستخدموها لمصالحهم..!!!
ReplyDeleteشكرًا يا مالك, دايمًا عند حسن ظني بيك :)
ReplyDeleteفي الوقت المناسب يا مالك: لازم كده تفوق الناس عشان ماحدش يلعب علي وتر ام العاطفه الغبيه بتاعت المصريين
ReplyDeleteرائعة
ReplyDeleteإضرب أكتر عايز أتوب
ReplyDeleteانت تعيش على ارض مصر وكافة التيارات الاخرى وانت تنظر من زاوىه ضيقه واى فصيل لا يستطيع ان يحدث التغيير وانت تقع فى نفس خطاالاخوان وستؤجل شيئت ام ابيت
ReplyDelete