زمان واحنا صغيرين كنا بنجيب النحلة الخشب أو الحلزونة ونركبلها سن حديد وبعد كده نلعب بيها ونسميها دبور ، وكنا نلفها بخيط دوبارة بشكل دائري ونرميها عالأرض واحنا بنسحب الخيط وكان الهدف من اللعبة إن الدبور يلف أطول وقت ممكن ، بعضنا كان فنان ف اللعبه دي بحيث إنه كان بيقدر يشيل الدبور وهوا بيلف علي إيده وينقله من إيد لإيد وهوا بيلف وهكذا ويرجعه الأرض تاني
كبرنا ونسينا اللعبة لحد ما فكرتنا بيها تاني أغنية : علشان لازم نكون مع بعض .... بقليل من التأمل لاحظت إن السن التئيبي مش مجرد لعبة ... دا نظام حياة
النظرية :
طول الوقت تعلمنا وقرأنا عن مصطلحي : الطليعة والجماهير ... الطليعة بحسب التعريف يفترض أنها أكثر إلماما بالظروف السياسية والإقتصادية والإجتماعية وأكثر إلماما بمخالفات وتلاعبات السلطة الحاكمة وكشفها وتكوين رأي عام ينتصر لقضية معينة أو لوجهة نظر ما أو لأيديولوجيا معينة ، فالطليعة بمثابة النذير ، ومن أجل أن تؤدي دورها بمنتهي الإخلاص عليها ألا تنفصل عن الجماهير وألا تنافقهم وألا تستغلهم أو تتلاعب بهم بأي شكل من الاشكال ،
أما الجماهير فهم مجموعة المواطنين البسطاء أو غير البسطاء البعيدين عن العمل العام وينحصر اهتمامهم في دائرة ضيقة ، ولا يهتمون كثيرا بالسياسة وشؤونها لكنهم يحملون داخلهم طاقة الغضب التي يمكن أن تؤدي إذا حسن توجيهها إلي التغيير أو الإصلاح أو الثورة .
التطبيق :
لعبت الطليعة المصرية باختلاف توجهاتها لفترة من الزمن دور كل من الطليعة والجماهير ، وهو ما يمكن أن يسمي بانحسار المعارضة أو بتقوقعها علي نفسها أو ببعدها عن الجماهير الحقيقيين ، إلي أن حدثت الثورة فكان لزاما علينا أن نفصل بين كل من الدورين ، وأن نعيد الأمور إلي نصابها ، لكن ما حدث كان العكس تماما ، فقد تكونت طليعة هشة أو فقاعية إن شئنا الدقة سرعان ما فقدت صلتها بالجماهير التي استعدت للإحتشاد ورائها بل واحتشدت وراءاها بالفعل في كثير من الأحيان ، وكان من أهم اسباب انصراف الناس عن تلك الطليعة ( شباب الثورة) أنهم لم يكونوا بالقدر الكافي من الصدق مع من تطلعوا إليهم باعتبارهم الأمل في غد أفضل ، كانوا وما زالوا حريصين علي نفاق الجماهير لأسباب مختلفة ، لم يظهروا يوما ما استعدادا ولو ضئيلا للتعلم من أخطائهم ، لطالما انجروا لمعارك وهمية وإعلامية ساهمت في عزلهم وإبعادهم أكثر وأكثر عن الجماهير
النتيجة :
لم يعد بوسع تلك الطليعة أن تتدخل في مسار الأحداث وإعادة توجيهها ، ولم يعد لها الثقل الذي كان لدي المواطنين ، أحسوا بعزلتهم فلجئوا إلي : "السن التئيبي"
مرحلة السن التئيبي :
يمكن تلخيصها في أن معظم أفراد تلك الطليعة لم تستطع قيادة حركات المقاومة والإحتجاج فاضطرت إلي تذيلها مرتدية ملابس الزعيم ، مستخدمة بعض الخبرات المعرفية لإقناع المواطنين بوجهة نظر في الغالب صائبة لكن أصحابها ليسوا مقنعين بالنسبة للجماهير ولا يقدمون بديلا مناسبا ولا يبذلون جهدا في توفير هذا البديل ، ولذا بدأ البعض في استخدام السن التئيبي (أهداف الثورة ،العدالة،رفع الظلم،حق الشهداء....إلخ)
بغض النظر عن سوء أو حسن النوايا فهذا سلوك غير محمود ومن شأنه تعريض الجماهير لكوارث وتكبيدهم خسائر فادحة ...
السن التئيبي استخدمه الساسة في الترويج لمرسي والإخوان وفي مهاجمتهم أيضا ، السن التئيبي استخدم في صياغة والتبرير لأغبي مقولة عرفها التاريخ السياسي في العالم (هعارضه لما يغلط) ، السن التئيبي استخدم في معركة الألتراس من أجل شهدائهم وتم الزج بهم في معركة ليسوا مستعدين لها ولا يمكن أن يخوضوها بمفردهم ، السن التئيبي استخدمناه جميعا بقدر ما أو بآخر في لي ذراع الأحداث وتقديم تفسيرات مغلوطة لها واستخدمه البعض للحصول علي مكاسب شخصية ، السن التئيبي استخدم لإضافة المزيد من الضبابية للصورة الحالية ، السن التئيبي استخدم في تقديم المزيد من الضحايا من أجل مكاسب هلامية ..... إلخ
ويتجلي استخدام السن التئيبي في التعامل مع الحقائق :
تقول الأسطورة أن هناك بعض الصحف ليس لها اي مصداقية إطلاقا ، وحضرتك تؤمن بذلك ، وتؤمن بأنه لا يمكن الركون إلي ما تنشره تلك الصحف من أخبار لأنها في الغالب مفبركة ، لكنك حين تعييك السبل لكي تبرهن للناس علي مدي ظلم وبشاعة السلطة فإنك لا تجد حرجا في أن تأخذ ذلك الخبر الكاذب من تلك الصحيفة الكاذبة وتضعه في النحلة (وجهة نظرك في الغالب) وتقوم بشد الخيط حتي تدور نحلتك مرتكزة علي هذا الخبر التئيبي
تقول الأسطورة أن الألتراس مجموعات مغلقة ويرفضون الدخول في صراعات السياسة ، وتجد حضرتك أن تلك الاسطورة سنا تئيبيا ممتازل لتضعه في نحلة وجهة نظرك التي تقتضي ألا تحاول نصحهم أو مشاركتهم تحركاتهم للثأر لأصدقائهم ولكنك تكتفي بالتنديد بوحشية السلطة حين تتعامل معهم ببشاعتها المعهودة وبهذا تجد مبررا أخلاقيا للجعجعة في هذا الموضوع بغض النظر عن دورك فيه ، متناسيا أن دورك الاصلي هو في التأثير في تلك المجموعات بشكل إيجابي ومساعدتهم مساعدة حقيقية بقدر الإمكان والجهاد من أجل إقالتهم من عثرتهم في براثن السلطة القذرة بشكل عملي ......إلخ
هناك تطبيقات عديدة لنظرية السن التئيبي لكني لا أريد أن أستطرد في الحديث .
No comments:
Post a Comment