Monday 8 April 2013

بلدة طيبة ورب غفور


طوال ثلاثين عاما أو يزيد نعيش اشتغالة مفادها أن مصر أم الدنيا ومهد الحضارات وقصص سريالية عن شهامة وكرم وجدعنة وطيبة وتسامح المصريين وأم محمد وام كيرلس اللي ساكنين جنب بعض وبيودو لبعض كحك العيد والعاشورا ....... إلخ
قامت ثورة تنادي بالعيش والحرية والكرامة الإنسانية ...
الثورة قامت ؟؟ حقا قامت..
رحل الطاغية السفاح ليسلمنا لطاغية سفاح آخر ليستمر النضال ضد الظلم ليرحل الطاغية السفاح الآخر ويأتي من بعده الطغاة السفاحون
-        مبارك كان قاعد علي بكابورت يا بيه واتفتح في وشنا .... هكذا قال لي أحدهم
وهنا مربط الفرس : كنا جميعا تحت نير نظام حقير غذت سياساته القمعية والمفقرة أسوأ ما فينا ، غذت الطائفية والجهل والمكابرة وجعلت عددا ممن كان يمكن أن يكونوا من خيرة شباب هذا الوطن جعلتهم نهبا الجماعات المتطرفة ، ولأننا غير منصفون ولدينا نعرة لم أتمكن يوما من فك شفراتها مفادها أننا أعظم شعوب الأرض
ربما هو نوع من أنواع الكذب المرضي ، تجد المتحرش يتحدث عن العفة ، اللص يتحدث عن الأمانة ، المتطرف يتحدث عن التسامح .... إلخ
-        أنا دلوقتي يا بيه عايز أعرف إحنا مشكلتنا مع مين ؟؟ مع الإخوان وللا الفلول وللا السلفيين وللا بتوع المعارضة وللا الثورة وللا إيه أنا هتجنن ؟؟ (هكذا سألني أحدهم)
الإخوان : مصريون ألقاهم نظام حقير مفقر متخلف طاغي طعاما لجماعة لا يعلم إلا الله ماذا تريد ... ولكن المؤكد أن من وقعوا في براثن تلك الجماعة قد تحولوا إلي روبوتات تفعل ما يملي عليها ، الوطنية بالنسبة لهم ليست الإنتماء لمصر ولكن الإنتماء لتلك الجماعة ، زرعت في أذانهم أسطورة أستاذية العالم ، لقنوهم أن معارضيهم كفار وعملاء ، لا يقرؤون بحرية ولكن بالأمر ، لا يتناقشون أو يتجادلون باستعمال بنات أفكارهم ولكن مما يملي عليهم ، والنتيجة أصبح بيننا وبينهم حاجز زجاجي سميك لا يعلم إلا الله متي يتحطم.... ( لذا نقول عنهم خرفان )
الفلول : مصريون أيضا ولكن من طرز أخري ، منهم من تلذذ بعبودية النظام في مقابل حياة شبه آدمية ، منهم من يخاف علي حياته ومصالحه بالرغم من أنه ليس لديه ما يخسره ، منهم من سيطر عليه جهله وعوزه ، منهم من نذر نفسه لمن يدفع ، وأخيرا فلول الفلول : أصحاب الأموال والأعمال والقصور والعقارات الفاخرة ومن المفهوم أن بعضهم وطنهم الأول هو أرصدتهم لذا فهم لا معارضين ولا ثوار ولا مغامرين ولا يحزنون ، وهناك أيضا اللصوص الذين لا يمكن أن يغامروا بالظهور أو بقول كلمة حق فإصبعهم تحت مطرقة أي نظام
السلفيين : فعلا لا أجد وصفا مناسبا للسواد الأعظم منهم ، بالطبع هم مصريو الجنسية ولكن هل ينتمون فعلا لهذا الوطن ؟؟ أشك ، هل يقبلون الآخر وهل يبجلون الحرية ؟؟ أشك ، ربما يمكنك الرجوع إلي التاريخ الدموي لبعضهم وتصريحاتهم البلهاء عن هدم الأهرامات وحرمة السياحة وإهدار دماء المعارضين وتكفير أي مختلف معهم ولو مذهبيا ، هؤلاء الأشخاص هم قادة التيار السلفي ، لذا : أطلق لأفكارك العنان عن أتباعهم أو المعجبين بهم ومريديهم : أو تخيل عقلية من قيل أمامه أن بشار يقتل السوريين في ليلة القدر فكان رده : لم يثبت أنها ليلة القدر
المعارضين : وهم مصريون أيضا ، تخيل : السيد البدوي ورفعت السعيد مصريين مثلي ومثلك وبالطبع فليس كل معارض ثائر وإنما كل ثائر معارض لذا فهناك معارضين وهناك ثوار ، وهؤلاء المعارضين نذروا نفسهم لشاشات التلفاز والإجتماعات الأنيقة والكراسي ، لم يبرهن لي أحدهم يوما حرصه علي وطن أو عدالة اجتماعية أو حرية ، هذه المصطلحات بالنسبة إليه مجرد إكسسوارات يسوق نفسه بها أو كلمات جوفاء إن نطقها فهو لا يعنيها
الثوار : مصريون أيضا لكنهم استقلوا قطار أحلامهم بالعيش والحرية والعدالة الإجتماعية والمساواة والكرامة ...إلخ ولن يغادروه إلا إلي تلك الأحلام أو ربما إلي السماء أو السجون
هل تري معي أننا كلنا مصريون ؟؟ كان هذا الخليط العجيب يتعايش إلي حد ما بسلام في ظل سيطرة نظام المخلوع ، وبعد قيام الثورة وإطلاق العنان لكل التيارات ظهرت تلك المشكلات العويصة ، بكابورت ازدراء أديان وتكفير وطائفية وتعصب وتخلف وجهل وعبودية وتبعية وعنف وبلطجة وإجرام ونخاسة اتفتح في وشنا .
 ، ويمكنك بنظرة سريعة أن تري أن المشكلة ليست فيمن يحكم فقط وإنما نحن أيضا جزء لا يستهان به من الأزمة ، ما بين جاهل وخائف وخانع ومتطرف وأهطل وثوري  ،  نحن مواطني دولة واحدة لكننا مختلفون ولا نستطيع أن نتعايش مع بعضنا البعض لأن أحلامنا مختلفة أو ربما لأن البعض لا يحلم ، لكن البين لدي أننا قطعا لسنا أسوياء وفي حاجة إلي فترة طويلة من الزمن حتي يعود لنا اتزاننا ،
وكل ما أعلمه أيضا أننا مقبلون علي أيام أو سنوات سيئة ، لأني وببساطة لا أري مخرجا من هذا البكابورت سوي الفاشية ، فمع كل هذا العنف والتخلف والتطرف المتصاعد ، ومع ما تفعله جماعة الإخوان وأنصارها بمصر والدأب علي تحقير شأننا علي المستوي الدولي واستنزاف المواطنين علي المستوي المحلي ، لا أتخيل أنه يمكن أن يمسك الزمام سوي فاشي ، قد يكون من المؤمنين باسطورة (إحنا أحفاد الفراعنة) أو (القومية العربية) أو (الإسلام الوسطي) أو يكون (من ذوي البيادات) ....إلخ
ما أكتبه ليس رأيا ولا تحليلا ولا تنظيرا ، هي مجرد خواطر تشكل عائقا حقيقيا بيني وبين أي نوع من انواع التفاؤل ... هل لدي أحدكم تخيلا للطريق نحو : بلدة طيبة ورب غفور ؟؟؟




6 comments:

  1. يا حبيبي يا مالك.. انت واحشني جداً .. على فكرة أنا من قراء مدونتك الدائمين.. ومن المقصرين في التواصل معك دائماً.. أنت كاتب رائع ولديك قلم يتحول في ثوان لبني آدم جميل وطيب وشرير !.. يا رفيق ، اختلف معاك في هذه التدوينة لأنها محبطة حبتين.. البركة في الجماهير، وعلى فكرة الفاششية ليست حلاً.. الحل في أن تكون السلطة والثروة للشعب.. فالفاشية الدينية أو العسكرية أو الاسلام الوسطي، يعيد مصر الى العصور الوسطى، وكأننا أمام صورة من صور غزو البرابرة ( العرب) لمصر 640 م ، او اوروبا في عصورها الوسطى القبيحة .. محبة للمناضلة الجميلة اسماء عدلى ! .. آدم

    ReplyDelete
  2. مساء الفل يا صديقي ، سعيد بإنك بتزور مدونتي المتواضعة ... أنا مش شايف الفاشية حل أبدا أنا بحاول أبدي قلقي من أن يكون الطريق أو النهاية اللي بنساق إليها هي الفاشية ، لذلك بحاول أسأل عن بدئل تخرجنا من الوضع المزري داه وتضمن إننا منخوضش تجربة فاشية أخري
    تحياتي :)

    ReplyDelete
  3. المختصر المفيد لخصت فيه كل القوي المتناحرة في مصر, كلامك بيوضح ان في حراك وصراع فكري, المنتصر فيه بيكون صاحب الفكرة الأقوي, إخوان مبيفكروش, سلفيين عايشين في الماضي وافكار مهترئة, فلول معندهمش فكر اصلا, ومعارضين المصالح بتحركهم, وثوار عندهم افكار ومبادئ وان كانت مثالية زيادة عن اللزوم ولكنها موجودة وبتفرض نفسها دايما وبمجرد تعرض الأفكار للقمع بينزل الشارع الناس الغير منتمية لأي من الفئات السابقة ودول اللي بيعملوا التغيير .. انا متفائل :-)

    ReplyDelete
  4. طول عمرك متفائل يا صديقي :)

    ReplyDelete
  5. مقاله جميله جدا تلخص الواقع بصدق وايجاز
    هل تسمح لى بنشرها فى الصفحه بتاعتى فى الفيس

    ReplyDelete