Sunday 28 October 2012

الشهيد عصام عطا : التعذيب بين الإنسانية والتيشيرتات السينييه

منذ ما يزيد عن شهر وردني اتصال هاتفي من محمد علي عطا شقيق الشهيد عصام عطا يخبرني فيه أنني مطلوب للشهادة في القضية أنا ومني سيف ود.عايدة سيف الدولة ، فسألته ما الذي جد ؟ فأخبرني بأن أحد المسجونين الذين شاهدوا حادث تعذيب عصام قد اتصل به بعد خروجه من السجن وأفاد بشهادته التي تثبت وفاة عصام بسبب تعذيبه وظهور تقرير مستقل من أحد أساتذة الطب الشرعي المشهود لهم بالكفاءة والنزاهة ينزع اي مصداقية عن تقرير مصلحة الطب الشرعي الرسمي أمام النيابة التي قررت فتح التحقيق بعد أن كان النائب العام قد قرر حفظ التحقيق لعدم كفاية الأدلة بأربعة ايام ..... لا أخفي أنني تنفست الصعداء وكدت أرقص فرحا من ابتهاجي بهذا الخبر الذي يعني أنه لا زال لدينا أمل في أن نقتص لعصام من سفاحي وزارة الداخلية الذين أودوا بحياته ،
عادت بي الذاكرة ليومي  26 و 27 أكتوبر 2011 حيث كنت بصحبة زوجتي وصديقتنا سالي سامي وجاءني اتصال هاتفي من د.عايدة سيف الدولة ومن صديقتنا مني سيف يطلبوا مني الذهاب لمستشفي القصر العيني لأن أحد الشباب الذين كانت تتابعهم مجموعة لا للمحاكمات العسكرية وصل إلي المستشفي جثة هامدة وأنه هناك أنباء عن أن هذا الشاب قد توفي نتيجة تعذيبه بمحبسه بالسجن ، فذهبت إلي مستشفي القصر العيني وتقابلت مع مني وقابلت محمد عطا شقيق عصام في حالة يرثي لها ويردد كلاما عن أنه هو السبب في مقتل عصام لأنه لم يستجب لتوسلاته إليه في التليفون بسبب قيام ضابط السجن بتعذيبه وأنه يخشي أن يقتله ، ونظرا لأنني أصبحت معتاد مشارح فقررت أن أدخل المشرحة لألقي نظرة علي جثمان الشهيد عصام عطا عساني أشاهد ما يمكن أن يفيدنا في القصاص له ، وقد كان ،ووجدت أن الجثة يخرج منها مياه من فتحات الجسم وأن هناك آثار دماء علي فم الشهيد عصام وأن جثته منتفخة كالغرقي ، تقابلت مع عدد من الزملاء المحامين وذهبنا إلي استقبال القصر العيني فلم نجد دخول عصام مسجل بدفاتر الإستقبال ، وذهبنا إلي مركز السموم حيث استقبلوا عصام فلم نجده مسجلا بدفاترهم أيضا ، وتقابلنا مع طبيبة الإستقبال التي استقبلت عصام فأخبرتنا أنه جاء إلي المستشفي في حالة شبه موت (وظائفه الحيوية كلها متوقفة) وأنهم لم يستطيعوا إنقاذه ، وحاولنا تحرير محضر بالحالة فاتصل بنا مأمور قسم مصر القديمة وأخبرنا أن هناك أحد ضباط السجن ويدعي بيتر هو من أحضر عصام للمستشفي وحرر محضرا وأفاد بأن سبب الوفاة هو قئ دموي حاد نتج عن تناول كمية كبيرة من المخدرات ، وطبعا فلم نقتنع بهذا الكلام نظرا للطريقة المريبة التي تم إدخال عصام إلي المستشفي بها ، إضافة لما قاله عصام لشقيقه محمد أنه يتعرض للتعذيب داخل السجن واستمرت الإجراءات حتي تم نقل الجثمان إلي مشرحة زينهم التي كانت مغلقة تماما في وجوهنا ولم يسمحوا لأحدنا برؤية الجثمان أو حضور التشريح وحضر في تلك الاثناء ضابط شرطة دخل إلي المشرحة لمدة حوالي ثلث ساعة واختفي بعدها تماما وبعدها قالوا لنا إنهم يمكن أن يسمحوا بوجود طبيب من طرفنا يحضر التشريح ، فطلبنا المساعدة من اي من اصدقائنا الأطباء أو معارفهم فبلانا الله بشخص يدعي أحمد صيام من أطباء التحرير أدخلناه إلي التشريح بعد بدايته وبعدها وبعد ضغط استطعنا إدخال الدكتورة عايدة سيف الدولة التي بعد فترة قصيرة من دخولها عرفنا منها من خلف باب المشرحة انهم يحتجزونها بالداخل فثارت جلبة وضجة حتي خرجت الدكتورة عايدة وقالت لي (خالد سعيد جديد) وحكت لي تفاصيل اللفافة وطلبت مني أن نكتم الأمر حتي لا نسبب أذي إضافي لأهله ويمكننا فيما بعد أن نطلب إعادة التشريح واتخاذ إجراءاتنا القانونية المعتادة في مثل تلك الحالات ، وقد كان وحصلنا علي تصريح الدفن وتم تشييع الشهيد عصام غلي مثواه الأخير ... وفوجئنا بعدها بهذا المدعو أحمد صيام يشهر بنا ويدعي أننا نحاول إثارة الناس ضد الداخلية وأنه لا توجد بعصام اية آثار تعذيب بل وكذب الدكتورة عايدة سيف الدولة ، حتي أن جمعية أطباء التحرير عقدوا مؤتمرا صحفيا للدفاع عما قاله هذا المدعو أحمد صيام ، مما اضطرنا لعقد مؤتمر صحفي لعرض كافة الحقائق الطبية والقانونية المتوافرة لدينا علي الرأي العام والتي تحمل الداخلية مسئولية مقتل عصام عطا ، واصبح المدعو أحمد صيام ضيفا علي الفضائيات للحديث عن عدم تعذيب عصام عطا وأنه ابتلع لفافة مخدر مصحوبا بتترات  من المداخلات الهاتفية لرئيس مصلحة الطب الشرعي ولواءات الداخلية الذين انبروا للدفاع عن جلاديهم قبل حتي أن ينتهي التحقيق ، وفوجئنا بصفحة كلهم خالد سعيد (الصفحة التي أنشئت لمناهضة التعذيب) تضرب بكل ما قلنا وشهدنا به عرض الحائط وتعتذر عن النشر في الموضوع لأن الأقوال تضاربت بشأنه ... لا أخفي المرارة التي ألمت بي من تصرف المدعو أحمد صيام وأود أن أسأله عن شعوره بعدما جعل نفسه سببا لقتل الشهيد عصام للمرة الثانية بالترهات التي كان يرددها عن أن عصام لم يتعرض للتعذيب وأنه توفي بسبب ابتلاعه (لفافة مخدر) ، وصفحة كلهم خالد سعيد التي قررت في لمح البصر أن تتخلي عن أحد ضحايا التعذيب لأن هناك مجهولا يدعي عكس ذلك بشكل لا منطقي ، ولا يفوتني في هذا المقام أن اسأل المسئولين عن تلك الصفحة عدة أسئلة : لماذا تبنيتم قضية الشهيد خالد سعيد وصممتم علي المضي قدما فيها بالرغم من أنه كان هناك رواية تقول أنه ابتلع اللفافة ؟؟ لماذا لم تقتنعوا بتقارير وطريقة عمل الطب الشرعي في حالة خالد سعيد وقررتم احترامها في حالة الشهيد عصام ؟؟ لماذا لم يثنيكم تضارب الأقوال بشأن الشهيد خالد سعيد عن عزمكم ؟؟ ما الذي حدث ؟؟
لا أعلم الكثير عن أحمد صيام هذا الذي ربما يكون قد دس علينا أو حدث أي شئ جعله يقول ما قاله .. لكني أطالب المسئولين عن صفحة خالد سعيد باعتذار عن نكولهم عن مساعدة أسرة الشهيد أو دعم قضيته وركونهم إلي بعض الترهات .
وأحب أن أكرر علي حضراتكم بعض المعلومات الهامة التي قد تساعدكم  :
-        لم يتغير شئ في مصر في إطار احترام الحق في الحياة وكرامة المواطن ، فداخلية ونيابة وطب شرعي مصر ما قبل الثورة هم نفسهم داخلية ونيابة وطب شرعي مصر ما بعد الثورة .
-        الداخلية لن تقتل مواطنا مصريا ثم تعترف بذلك وتحاسب المخطئ.
-        الداخلية في مصر تقتل الضحية مرتين ، مرة بالتعذيب ومرة بتشويه سمعته واسرته حتي تفقده التعاطف معه
-        حوادث التعذيب ليست بوضوح أن والد حضرتك قد طلق والدتك للمرة الثالثة فأصبحا لا يحلان لبعض إلي الأبد
-        ضحية التعذيب في الغالب ليس من ذوي الحظوة ولا ممن يرتدون بنطلونات وتي شيرتات "سينييه" أو من حاملي الآيباد وبالتالي يمكن ألا يروقك شكله.
-        العمل علي قضايا التعذيب يتطلب يقينا وإيمانا بالحق في الكرامة والحياة وسلامة الجسد وإعلائها علي أي اعتبار.
-        وفاة مواطن داخل قسم شرطة أو سجن من السجون لاسباب غير طبيعية يحمل الداخلية المسئولية عن وفاته أيا كانت الأسباب ويضعها موضع المتهم.
-        حتي لو كان ضحية التعذيب مجرما عتيدا فذلك يجب ألا ينال من تضامنك معه لأنك تتضامن في الاساس مع الكرامة ومع الإنسانية.
-        الداخلية في مصر أقرب للنيابة وللطب الشرعي من حبل الوريد وسيحاولان تبرئتها بكافة الطرق فعليك أن تتحلي باليقين وألا تثق في الأوراق التي بختم النسر بقدر ثقتك في إحساسك وإنسانيتك.

محمد علي عطا (شقيق الشهيد عصام) شخصية تستحق جائزة نوبل في الصبر والثبات والصمود والوفاء لدماء أخيه ... وأخيرا ثبات محمد وصموده عري الكثيرين وأعطانا درسا في أنه لا يضيع حق وراءه مطالب وأعطانا درسا في الإنسانية كقيمة مجردة تستحق الدفاع عنها بضراوة حتي لو لم تكن مرتدية تي شيرت سينييه .


No comments:

Post a Comment