Tuesday, 11 October 2011

مينا دانيال....وداعا


"لو مت عايز جنازتي تطلع من التحرير" 
كانت تلك هي وصية الشهيد مينا إبراهيم دانيال -25 سنه ...
الزمان : ميدان التحرير .... المكان : صبيحة يوم الحادي عشر من أكتوبر 2011 ننتظر جثمان الشهيد ليصل إلي التحرير لتنفيذ وصيته ، وتتوقف السياره التي تحمل الجثمان في نفس الموضع الذي كان يجلس فيه الشهيد مينا يوم 28 يناير مصابا في كلتا قدميه وذراعيه ويتحرك بصعوبه ونحاول إقناعه بمغادرة الميدان فيبتسم ويرفض مغادرة الميدان
الزمان: مشرحة المستشفي القبطي .... المكان : مساء يوم التاسع من أكتوبر أبحث بجنون عن جثمان الشهيد مينا وسط الجثامين المتراصه داخل المشرحه ... رائحة الموت تزكم الأنوف والصراخ يرتفع من كل الحناجر ودموع الأمهات والآباء تغسل أرض المشرحه ... أكشف الأغطيه البيضاء من علي الجثامين وتفجعني نظرات الشهداء التي تسأل بإلحاح " بأي ذنب قتلت " ، وألتفت يمينا فأجد جثمان الشهيد مينا مسجي علي رخامه بيضاء بكامل ملابسه يزينها ثقب قريب من موضع القلب وبقعة دماء كبيرة تحت رأسه ، رأيت مينا سابقا يزين ملابسه ثقوب ، ورايت دمائه سابقا ... ولكن الوضع يختلف هنا ، فقد اختفت ابتسامة مينا وأغمضت عيناه فما عدت أري نظرات الأمل فيها
الزمان : أمام مشرحة المستشفي القبطي ... المكان : مساء يوم العاشر من أكتوبر
جثمان الشهيد مينا مسجي داخل تابوت خشبي تزينه باقة ورود وصوره من صور الشهيد بابتسامته المميزه ونظراته المفعمه بالأمل ، سيده تحتضن التابوت وتبكي بكاء شديدا ، شقيق مينا تغرق ملابسه دماء مينا من اليوم السابق وقد جفت الدموع من مآقيه وينظر للتابوت غير مصدق ... عدد من أصدقاء مينا يحيط بالتابوت لا شئ مشترك بينهم سوي دموعهم الغزيره .... هتاف : افرحي يا أم الشهيد ... النهارده يوم العيد ... صوت الجموع المحتشده : كيرياليسون..كيرياليسون ... تخرج من بوابة المستشفي الجموع التي كانت بداخلها وينضم إليها آلاف المصريين المنتظرين خروج الجثامين بفارغ الصبر وعلي الأكتاف ثمانية عشر تابوتا يتوسطهم التابوت الذي يحوي جثمان الشهيد مينا في طريقها لكاتدرائية العباسيه
الزمان : داخل المستشفي القبطي ... المكان : مساء يوم العاشر من أكتوبر بصحبة علاء سيف
علاء انت دخلت المشرحه..أيوه وكان معايا ثناء وصممنا نشوف جثامين كل الشهداء ...حرام عليك ثناء متستحملش المنظر
كان لازم نشوفهم كويس وصورهم تتحفر ف دماغنا .... المشهد بشع قوي والشباب اللي ماتوا غلابه وطيبين..هوا البلد دي مبيموتش فيها غير الغلابه ليه ؟
دمعه تأبي السقوط من عيني علاء حفاظا علي رباطة جاشه لحين انتهاء اليوم
الزمان : ميدان التحرير.... المكان : صبيحة الحادي عشر من أكتوبر وسط جمع من أصدقاء مينا ورفاقه في النضال
هتاف : مينا دانيال البطل ... بالرصاص اتقتل

Sunday, 9 October 2011

ماسبيرو..المستشفي القبطي..9 أكتوبر


للاسف كنت بعيد عن وسط البلد وقت الأحداث بس طلعت أنا وأسماء ودنيا ومحمد الطاهر علي المستشفي القبطي لأننا عرفنا من تويتر إنهم محتاجين دم ضروري للمصابين في أحداث النهارده و في الطريق سمعت إن صديقي مينا دانيال استشهد في الأحداث ، الدنيا ضلمت قدامي ومبقتش شايف ووصلنا للمستشفي جريت اسأل عليه ، والباب الوحيد اللي كان مفتوح هوا باب المشرحه ودخل جري أسأل كل اللي أقابله عن مينا فيقوللي شوفه جوه ووصلت لأوضة المشرحه أو المرحمة زي ما كان مكتوب عليها ، جري ورايا هاني رياض علشان م ادخلش المشرحه بس صممت أدخل وأدور علي جثمان الشهيد مينا بنفسي واضطريت أبص حواليا ، سبعتاشر جثمان موجودين ف الأوضه ووسط صراخ وعويل الأمهات والزوجات علي شهدائهم مقدرتش أمسك نفسي وابتديت أكشف وجوه الجثامين زي المجنون علشان أبص علي مينا بصه أخيره ، مش أول مره ف حياتي أشوف جثث بس المره دي كانت مرعبه ، وجوه مشوهه وجماجم محطمه وبقع دم كبيره تحت معظم الوجوه اللي شفتها لحد مالقيت جثمان الشهيد مينا وهاني رياض حاول يلهيني عنه علشان مشوفوش ويقوللي مش هوا بس أنا أطلعه من وسط مليون ،وشفته  وبقعة دم كبيرة تحت رأسه ، حطيت إيدي علي جبهته وقبلته ومبقتش شايف واخدني هاني بره المرحمه أو المشرحه وكل حته ف جسمي بتتنفض ولقيت الناس بتجري من جنبي ومعاهم شهيد تاني بيقولو انه اللي دهسته المدرعه وحد من الناس اللي شايلاه بيقول "آدي مدرعات جيشنا اللي بيحمينا" وأم شهيد بتلطم وبتشيل تراب وبتقول " يا حزن المسيحيين الليله دي " وقس قاعد عالسلم بيعيط بشده  وشاب مطلعينه م المشرحه فاقد النطق تقريبا حزنا علي أخوه اللي كان جثمانه مسجي جوه المشرحه ، كل اللي اقدر اقوله ان كل الجثامين اللي شفتها مضروبه بالنار ف مناطق حساسه من جسمها لأني شفت بقع دم تحت الدماغ بس في معظم الجثامين ، وخرجت لأني مقدرتش أستحمل كم الحزن والقهره حواليا ... وقابلت اسماء ودنيا ومحمد الطاهر تاني ولقيتهم بيقولولي مفيش تبرع بالدم هنا ولو عايزين لازم نروح المستشفي الإيطالي ورحنا المستشفي الإيطالي لقينا كل بواباته مقفوله ومانعين الناس تدخل لأنهم هما كمان معندهمش تبرع بالدم ، ومتتخيلوش كم الحسره والمراره اللي حسيت بيها ...حتي مش عارفين نتبرع بالدم علشان ننقذ المصابين اللي بيتحول واحد منهم كل شويه لشهيد .... بالمناسبه مينا دانيال هوا الشاب اللي يوم 28 في التحرير مكانش فيه ولا حته ف جسمه سليمه وفشلنا نقنعه يسيب الميدان واللي حكيتلكم عنه قبل كده ، مينا عمر البسمه مفارقت شفايفه وعمر الامل م فارق عينيه ...البلد دي ليه بتاكل عيالها ؟؟؟