Friday, 10 June 2011

فقط في مصر : الموت يأتي مرتين


امبارح كنت خارج من بيتنا لا بيا ولا عليا ومعنوياتي عال العال .. عرفت من تويتر ان فيه جنازة ل 19 من شهداء الثوره المصريه مقدرتش السلطات تتوصل لأهاليهم أو تعرف أي حاجه عنهم ولقيتني ممكن ألحق الجنازة .. فيه حد يتأخر عن جنازة اخواته اللي عاشوا وماتو ميعرفهمش بس ماتو علشانه ؟
وطول الطريق كنت عمال اقول يا تري هيبقي فيه هناك كام ألف بني آدم بيشيعوا الأبطال دول ويا تري من الزحمه هقدر ابوس نعوشهم ورجولهم وقعدت اقول يا رب سهل علشان أنا لو ما عرفتش أبوس رجل كل واحد فيهم هيحصللي حاجه ... ساعات بحس نفسي مأفور في مسألة الموت والمرض دي أنا حتي مبحبش أعزي ولا اروح المقابر بس انتو يخواتي لاء هاجي انشالله زاحف ... وصلت المسجد لقيت قدامه حوالي عشرين تلاتين واحده ست من أهالي المنطقه وكام كاميرا تليفزيون المهم دخلت المسجد لقيت مشهد رهيب خلاني خرجت فورا لأني مستحملتش ، جزء كبير من أرضية المسجد متغطي بنعوش اخواتي والنعوش ملفوفه بعلم مصر .. فجأة لقيتني رجعت تاني ليوم 28 يناير والأيام اللي بعده ومنظر الناس وهيا بتقع وملامحها بتبتسم وكأنهم بيقولو وفينا الدين وعملنا اللي علينا كملو انتو بقي .. خرجت بره المسجد زي المتكهرب مقدرتش أكمل ووقفت قدام باب المسجد وابتدت النعوش تخرج واحد ورا التاني مشهد مهيب مقدرتش أعمل أي حاجه غير إني ابكي وأسلم علي كل نعش بإيدي والستات سكان المنطقه اللي حواليا ابتدو يعيطوا فواحده قالتلهم بتعيطو ليه زغرطو للعرسان ..فابتدو فعلا يزغرطو ودموعهم نازله ويهتفو : لا إله إلا الله الشهيد حبيب الله .. وواحده كانت في حالة شبه هستيريا عماله تقول بلا انقطاع ربنا يحرق قلب اللي حرق قلوبنا وقلوب أهاليكو عليكم ياولادي ...ابتدت قافلة النعوش تتحرك باتجاه مدافن البساتين والناس ف الشوارع اللي ف الطريق بتسأل وكل ميعرفو ألاقي واحده بتزغرط من هنا أو من هناك والناس بتوطي وشها ف الأرض لحد الموكب ميعدي من قدامهم ، وصلنا مدافن البساتين واتحطت النعوش عالأرض فرحت وقفت قدام المكان اللي هيندفنو فيه واستأذنت الراجل اللي جوه اني ابقي معاه قاللي بلاش علشان المدخل ضيق فابتديت اشيل مع الناس الجثامين من النعوش واتعمدت اشيل الجزء الأسفل علشان أقدر أبوس رجل كل واحد أو واحده فيهم وخلصت عملية الدفن واثنائها لقيت فيه واحد عرفت بعدين انه موظف من رئاسة مجلس الوزرا اسمه سيد أبو بيه بيعرف نفسه علي إنه من شباب الثوره وموظف بمجلس الوزرا بيتخانق مع مصور بيصور عملية إنزال الجثامين جوه المقابر وبيقولله دا مش إنساني ومأفور جدا وطبعا مكانش فيا دماغ أكلمه لأني كنت مشغول باللي بعمله .. وبعد ما خلصنا ابتدي صوت النقاش يعلي بين المصور وبين موظف مجلس الوزرا وزمايله والمصور بيقول ان دا تاريخ ولازم يتصور مش كفايه الناس بتندفن بشكل غير لائق وابتدي النقاش يتفرع والصوت يعلي .. ولقيت شابه عرفت بعدين انها سلمي الدالي بتقوللهم انتو مش مكسوفين من نفسكم يا فجره بتتخانقو علي إيه ؟ومتنرفذه جدا من اللي بيحصل ... كان حاضر عملية الدفن حوالي 100 واحد معرفش منهم غير غاده شهبندر وسلمي الدالي وبلال دياب والباقيين مصورين وصحفيين وعمال المقابر وعدد قليل جدا من الستات والرجاله ... المشهد هزني قوي خاصة وإن المقبره قذره ولا تليق بكلب يندفن فيها فما بالك بشهيد مات علشاني وعلشانك ؟ رجعت لقيت فيه جدل حوالين اللي ماتو دول شهدا وللا مساجين واستفزيت بشكل بشع وضغطي علي وابتديت أجيب دم من مناخيري .. ياولاد الكلب ياولاد الكلب الشهدا بيتشوهو بالشكل داه ؟ حتي لو كانو مساجين مش ماتو من غير ذنب مش ماتو علشان رفضو يخرجو م السجون ؟ وبعدين انا بحكم شغلي أعرف ان المساجين بياناتهم الكامله بتبقي موجوده في جهات كتير ف وزارة الداخليه يعني يسهل التعرف عليهم ويسهل الوصول لاساميهم وأهاليهم فأنا اصلا مش مصدق قصة انهم مساجين دي إلا لو كانو مقبوض عليهم أثناء الثوره وماتو تحت التعذيب أو كانو معتقلين سياسيين في كل الاحول هما شهدا وكوننا بنفرق بين الشهيد الحر والشهيد المسجون فدا عار لأنهم في كلا الحالتين ماتو علشان أو بسبب اننا بننتزع حريتنا ... فين الإئتلافات والأحزاب والوزرا وشباب الثوره اللي قربو يطلعو لنفسهم كارنيهات شباب الثوره ؟ فين العيال والناس اللي أكلت وشربت بدم الشهدا دول علي كل موائد الدنيا ؟ فين المصريين اللي طول عمرهم جنائزيين بالفطره ؟ ليه لم يتم الإعلان عن الجنازة والترتيب ليها بشكل لائق ؟ نكلم مجلس الوزرا يقولو كان فيه ممثلين من مجلس الوزرا وتكلم ائتلاف خولات الثوره يقوللك كان لينا ممثل حاضر الجنازه .... ممثل ياولاد الكلب يا رمم 19 شهيد تبعتولهم ممثل ولوا م المجلس العسكري تتحاربو علي مقابلته ويروحله عشرين لاء رجاله بجد والشهامه متوافره فيكم عالآخر ....تطلع شرموطه م الطب الشرعي تقول انهم مساجين ، مش الطب الشرعي دا برضه بتاع اللفافه ؟ بتصدقوه دلوقت علشان تعفو نفسكم من خيانة دم الشهدا ؟ يعني اللي يموت علشان البلد دي بقي محتاج شهاده رسميه انه شهيد ؟ ينهار ازرق ينهار ازرق الله يخرب بيوتكم الله يخرب بيوتكم ... بالنسبالي أنا شهدا وماتو علشاني وبست رحليهم واحد واحد وواحده واحده وحضرت جنازتهم ومش هنساهم ابدا وهسميهم وهخترعلهم قصص وأحلام وهحكي لولادي ولأهلي عنهم... بس عايز اقوللكم ان الشهيد ف البلد دي بيموت مرتين مره علشان حلمه وحلمنا ومره علشان انتو بتمرمطو بكرامته الأرض بالرغم من انكم بتاكلو وتشربو بدمه ... عادي مش جديده عليكي يا بلد ، مش الشهيد سليمان خاطر برضه هواللي موت نفسه ؟ عموما هسيبلكم الصوره دي علشان دايما تفتكرو قد ايه انتو بتحتفو بشهداؤكم وبتكرموهم

4 comments:

  1. ماتحكيه فظيع، لايصدق، يتجاوز أي احتمال.انت سعيت الى هذا المشهد الرهيب وعشته كرجل مصري، ذي كرامة، وذي أخلاق، وحس وطني وانساني طبيعي، كما يجب أن تكون الكائنات، هكذا ببساطة. وشاركك في هذا نساء المنطقة الشعبية المصريات، المحترمات. يكفيك هذا يامالك. أنت رأيت الشهداء ملتفين بأعلام الوطن، ورأيت تلك النساء الصارخات الباكيات المزغردات، ولمست أجساد اخوتك، وحملتها، وقبلت أقدامها. فأنت قدست الرمز، واختزلت في نفسك أمة ودت لو شاركتك. هناك ملايين من الناس يشعرون مثلما تشعر، لكنك لم تر منهم غير تلك النساء. يوم يفقد الناس الكرامة، يفقدون الاخلاق، ويستبدلونها بانحطاط أخلاقي، يصبح هو قانون الحياة، وقواعد السلوك. هذه أخلاق العبيد، وأخلاق تجار العبيد، وحكام العبيد، الذين هم عبيد موصومون كذلك، لكنهم أشد حقارة من عبيدهم . في هذه اللحظات، اختلطت الأمور في مصر المحروسة اختلاطا أشد مما كان. ويراد للثورة، أن تكون مجرد صحوة الموت لهذا الشعب، وهذه الأمة، وهذا الوطن. لكنها ليست صحوة الموت. 25 يناير هو الفصل الأول من كتاب الثورة، وهو أنفاس الميلاد العاصف، وليس اختلاجة الموت. سيصحو الجميع، ويصرون على أن يكونوا بشرا أفضل. فلنتذكر ذلك يامالك. أصدق تحياتي

    ReplyDelete
  2. منك لله يا شيخ خلتنى اعيط

    ReplyDelete
  3. Ah ya 7ezni, e7na lessa makhdnash betarhom, w mesh hnakhed feehom 3aza gheir ba3d eltar

    ReplyDelete
  4. لا إله إلا الله ربنا يرحمهم ويرحمنا

    ReplyDelete