Thursday, 22 November 2012

ليلة سوداء مفعمة بالبهجة

لم أجد أفضل من هذه الكلمات للتعبير عما جاش بصدري أثناء وجودي ضمن قافلة بشرية ضخمة لقطاع غزة تضامنا مع أهلها ضد جرائم الإحتلال الصهيوني ....
الزمان : غزة
المكان : مساء 18 نوفمبر 2012
الحدث : خمسمائة وخمسون مصريا ومصرية في مسيرة في شوارع غزة المحاصرة باتجاه مستشفي دار الشفاء يحملون علما فلسطينيا ضخما يهتفون تحت القصف بطائرات الإف 16 : يا فلسطيني يا فلسطيني ..دمك دمي ودينك ديني ، يعلو الهتاف وتشتد الحماسة ويشتد القصف وأحيانا تنهمر دموع الفخر ، دخلنا إلي ساحة المستشفي ننشد " غزة " بلحن فرسان الثورة المصرية " الألتراس" ... لتبدأ وقائع ليلة من أكثر الليالي سوادا وفخرا وبهجة قضيناها مع أهلنا في قطاع غزة وسط التكبيرات والتهليلات باستقبال شهداء ارتقوا لتوهم في هجمات الطيران الصهيوني علي المدنيين ليلا ، ووسط أصوات صافرات الإسعاف التي لا تنقطع وصوت طائرة الإحتلال الصهيوني التي يسمونها "الزنانة" وصوت مدافع الزوارق الحربية الذي لا ينقطع ، شملنا من استقبلونا بابتسامات لم تفارق وجوههم وتطمينات حين اشتداد القصف وكرم حاتمي في وسط تلك الظروف الحالكة ، ورغم تحذيرات مضيفينا لنا بألا نحاول الخروج من المستشفي إلا أن الشباب ضربوا بتلك التحذيرات عرض الحائط ، وتسربت الثورة في شوارع غزة في جنح الظلام وتحت القصف ... خرج الشباب مدفوعين بفضولهم ليشاهدوا بأنفسهم آثار جرائم الإحتلال الصهيوني .. خرجوا مع فرق الكهرباء .. خرجوا إلي مطعم في شارع المستشفي وافترشوا الشارع يتناولون طعامهم تحت القصف وانتقلت إلينا عدوي اطمئنان أهل غزة وابتسمنا وغنينا وهتفنا ودمعت عيوننا تأثرا بمشاهد الأشلاء والمصابين بإصابات لم نر مثلها من قبل ، وتحدثنا مع كل من قابلناه وحكوا لنا عن يومياتهم تحت القصف وعن عائلاتهم وأطفالهم وأخبرونا بفخر عمن استشهد من أقربائهم ....
وعن غزة أقول لأعزائي المواطنين السذج :
-     تخيل إن غزة تعاني من انقطاع الكهرباء بشكل شبه دائم حتي المستشفي الرئيسي بها انقطعت الكهرباء عنه 4 مرات أثناء وجودنا .
-    تخيل أننا لم نشاهد الكثير من السيارات في شوارع غزة بسبب أزمة المواد البترولية
-    تخيل أن غرفة العمليات الواحدة يجري فيها أكثر من عملية جراحية في نفس الوقت
-  تخيل إني أنا اللي بدعي إني أخصائي مشارح اترعبت من نوعية الإصابات ومنظرها... عارف يعني إيه بني آدم متنسر ؟؟ طيب تخيل لو البني آدم داه طفل ؟؟
-   تخيل إنك في غزة ممكن تفتح باب عربيتك ومتلحقش تركبها ، وممكن تدخل الحمام متطلعش وممكن تروح المدرسة مترجعش وممكن تمضغ اللقمة ومتبلعهاش ؟؟
-  تخيل إن الناس هناك عايشين عادي ومتمسكين بأرضهم وحقهم فيها ومش عايزين ييجوا سيناء ولا حاجة ؟؟
-  تخيل إن الناس في غزة من فرحتهم بينا طلعولنا من البلكونات والقصف شغال في الصباح الباكر يحيونا ويرفعولنا إيديهم بعلامات النصر ؟؟
-   تخيل أن ما أعلنته الحكومة المصرية عن مساندتها لغزة طلع كله طق حنك ؟؟     

حقيقة أنا لا أستطيع الإستمرار في كتابة تلك التدوينة بسبب عاصفة المشاعر التي تجتاحني كلما تذكرت أني شاركت في حدث تاريخي أثبتنا فيه أننا متضامنون مع أهلنا في غزة ومع القضية الفلسطينية بأرواحنا قولا وعملا .... لم أكن في يوم من الايام مدركا لهتافنا : غزة ..عِزة بقدر إدراكي له الآن وإدراكي المعني الحقيقي للصمود والإيمان بالقضية من خلال أهل غزة البواسل ... شكراغزة